للإعلان في نشرة الفنر الثقافية أضغط هنا
للمشاركة في نشرة الفنر الثقافية أضغط هنا
من كتاب مما رأيت – الجزء الرابع
للرحالة الدكتور فهد إبراهيم الشهابي
:لطلب الكتاب يمكنكم التواصل على
+97333191975
الطواش
يتفحص النوخذة انتاج اليوم استعداداً لزيارة الطواويش، يتابع الطواشون أخبار سفن الغوص، ويجوبون البحر بحثاً عنها، حيث يقومون بزياراتٍ إلى النوخذة الموجود في كل سفينة ليقوم بعرض ما تم جمعه من اللؤلؤ، فيما يقوم الطواش بدوره بتفحص اللآلئ وتحديد سعرها حسب نوعها وحجمها.
ثراء ووجاهة
مهنة الطواشة مهنة مربحة، يتصف من يمتهنها بالوجاهة والثراء، وذلك لما ترده من مردود جيد خلال العام ولها أعراف وطقوس تحكم علاقة التجار ببعضهم البعض، مثل سرية الصفقات التي تتم بين الطواشين، عُرف العديد من التجار البارعين في هذا المجال وكان لهم صيت واسع وشهرة كبيرة، ويشترون من النوخذة ومن صغار الطواشين اللؤلؤ ويعرضونه في أسواق اللؤلؤ في البحرين والكويت وبومبي، أو يبيعونه إلى الأوروبيين والفرنسيين والبريطانيين.
خبرة الطواش
الطواش خبير بمعرفة أحجام اللؤلؤ وأنواعه وأوزانه، متمكناً من تقدير ثمنه، حيث يتولى معاينة اللؤلؤ عن قرب، يمسكها بين أصابعه، ليتمكن من تحديد لونها ونعومتها وخلوها من الخدوش، وبالتالي يستطيع تقدير جودتها وصفاتها ونقائها، ويعتمد الطواش على أدوات خاصة، أثناء شراء اللؤلؤ وبيعه وفرزه ووزنه وتحديد معايير جودته، من هذه الأدوات ” الطوس“ وهي مجموعة مناخل نحاسية متدرجة في اتساع الثقوب، يصل عددها إلى سبع طوس، من الكبيرة والأصغر فالأصغر، وتستخدم لفرز وتصنيف اللؤلؤ، تتم هذه العملية بدقة متناهية وبحرص كبير من الطواش على تصنيف اللؤلؤ بشكل واضح وصحيح، يضرب الطواش على جانب الطاسة، تكراراً بيده ضربات خفيفة متلاحقة، تترك مجالاً للؤلؤ يتحرك كي يتسرب اللؤلؤ الصغير من الطاسة المضروبة إلى تلك الطاسة الأصغر.
جودتها وأنواعها
يُعتقد ان عملية الخرق تحفظ اللؤلؤ من الكسر على المدى البعيد، لأن البعض يعتقد أن اللؤلؤ كائن حي قابل للنمو، فعملية الخرق توقف النمو، لكن وجود الخرق في الدانة يؤثر على سعرها، فكلما كانت الدانة غير مخروقة كان سعرها أفضل، أورد جوني جي لوريمر في كتابه دليل الخليج القسم التاريخي، ان جميع لآلئ البحرين كانت تُرسل إلى بومبي، حيث تُفرز إلى فئات ودرجات مختلفة لتصديرها إلى الأسواق الأوروبية وعدة جهات أخرى، فيما يُصدر البعض الآخر إلى بغداد، كانت سوق بغداد تُفضل اللآلئ البيضاء، وكانت تُشترى مقادير كبيرة من الحبات اللؤلؤية الصغيرة المخفضة الثمن، أما اللآلئ الصفراء فقد كانت تلقى رواجاً جيداً في الهند وفي تركيا، فيما كانت اللآلئ الرديئة وغير المتناسقة تُباع في إيران وتُستعمل في تزيين أزياء الرجال والنساء.
حين تبخل الأرض والرمال في العطاء، يسعى الإنسان إلى البحر، ففي أعماقه أسباب الرزق والحياة، ومنها اللؤلؤ، الذي تعامل معه إنسان الخليج منذ القدم، صيداً وتجارة، وإذا كان رواد الغوص الأوائل قد عانوا وواجهوا المخاطر، وصارعوا المجهول في سبيل اكتشاف هيرات اللؤلؤ في أعماق البحر، فإن خبرة السنين اكسبتهم معرفة بمصادر المحار وأصبحوا يعرفون الطريق إليها مثل ما يعرف الإنسان الطريق إلى بيته.
0 تعليقات