شهادات الدكتور عبدالحميد المحادين

 

للإعلان في نشرة الفنر الثقافية أضغط هنا
للمشاركة في نشرة الفنر الثقافية أضغط هنا

شهادات الدكتور عبد الحميد المحادين


كتبت/ فاطمة العالي
شهادات توثيق لسير مربين ومربيات أفاضل، امتهنوا أنبل مهنة في سلك التعليم على مدى حقب وسنين من الزمان، فأثروا من خلالها بجهودهم وإخلاصهم وتفانيهم في نماء وتطور الخدمات التعليمية في مملكة البحرين.
في لقاء الفنر مع الدكتور عبد الحميد المحادين، بدأ حديثه قائلاً، يحق لي أن أتحدث عن التعليم في البحرين لأني حين قدمت إلى البحرين كان عمر التعليم أربعين عام، حيث بدأ التعليم ١٩١٩ م وأنا قدمت في العام ١٩٦٠ م، أي كان عمر التعليم آنذاك إحدى وأربعين عاماً، وعمر التعليم الآن ثمانية وثمانين عاماً، وذلك يعني إني قضيت مع التعليم في البحرين أكثر من نصف عمر هذا التعليم، وكنت مهتماً منذ الأيام الأولى أن أتعرف على هذه البيئة الجديدة التي استضافتني وأن أتعرف التعليم بذات الحقل الذي أعمل فيه.
البحرين حاضرة ثقافياً
 كان هناك عدة مصادر للتعرف على التعليم، وعادةً الذين يؤرخون يلجؤون إلى آليتين في التاريخ، هي النقل والعقل، النقل هو أن يستمع إلى الناس الذين عاصروا التجربة، أو ان يطلع على مصادر هذه التجربة، حيث ما دون في كثيرٍ أو قليلٍ من الكتب، والعقل هو أن يستنتج من المعلومات التي يحصل عليها الجوانب التي تكمل الصورة حتى لو لم تُذكر، البحرين لم تكن ذات يوم منطقة منعزلة ثقافياً أو فارغة ثقافياً، ونحن عندما نذهب في التاريخ بعيداً بعيداً، نبدأ من طرفة ابن العبد، الشاعر المعروف وهو أحد شعراء المعلقات وهو الشاعر الذي تكتنف حياته فلسفةٌ هي موضع الاهتمام في كل العصور، ثم عبر التاريخ دائماً البحرين لها حضور، حضوراً ثقافياً وحضوراً أدبياً، وسياسياً أيضاً.
التعليم النظامي في البحرين 
نحن نقترب إلى الأيام التي هي قبل التعليم النظامي الذي صح أن نقول عنه انه عام ١٩١٩ م أولاً هذا التاريخ موضع خلاف لأسباب عدة، الدكتور محمد الرميحي يقول أنه ليس عام ١٩١٩ م وإنما عام ١٩٢٣ م، ورددتُ عليه في كتابي ان التعليم بدأ في العام ١٩١٩ م، والعام ١٩٢٣ م هو إنما مبنى الهداية الخليفية الدائم، وقبل ذلك كان التعليم في بيت أو مدرسة علي بن إبراهيم الزياني في جنوب المحرق، وهو الذي كان مدرسة قبل الهداية الخليفية، وكان فيها طلاب، ألا إن عندما اجتمع أهل المحرق ووجهائها وقرروا أن يؤسسوا تعليماً نظامياً لعجلتهم ولسرعة التنفيذ تبرع لهم علي بن إبراهيم الزياني بمدرسته المتواضعة لتكون مؤقتة حتى يتم إعداد مدرسة الهداية في شمال المحرق.
مدرسة الإرسالية الامريكية
 قبل هذه الفترة، كان لم تكن البحرين بلا تعليم، بل كان هناك تعليم، عرفت البحرين التعليم النظامي قبل العام ١٩١٩ م، لكن لا نقول عنه نظامي أهلي، هو ليس من فعل أهل البحرين وإنما تعليم بدأ في عام ١٨٩٢ م، من الإرسالية الامريكية، وهي إرسالية بعلم الجميع هي إرسالية تهدف إلى التبشير ويغلفون التبشير بالتطبيب والعلاج والتعليم، لكن هدفهم الأساسي هو أن يبشروا بالمسيحية في أقطار العروبة، وقد زاروا الكثير من الوطن العربي وأستقر بهم القرار في البحرين، وأسسوا مستشفى في البحرين وأسسوا بعد ذلك مدرسة، كل الذين يتحدثون عن التبشير يذكرون زويمر، وأسماء كثيرة، بدأ التعليم النظامي أي المنظم في مدرسة الإرسالية الأمريكية، في أواخر القرن أي في حوالي ١٨٩٨م، وكانت تستقبل طلاباً وطالبات، ولم يكن التعليم مختلطاً بل كان منفصلاً، ولكنهم كانوا يشكون إن الطلاب لا ينتظمون ففي موسم الغوص يذهبون إلى الغوص ثم يعودون، أما الطالبات فكن اذا هناك حفل زواج يتغيبن عن الحضور اسبوع، فلم يكن التعليم منظماً ومسيطراً عليه إلا في مرحلة متأخرة، كانوا يعلمون الانجليزية والحساب وبجانب ذلك شيئاً من الدين المسيحي.
” المطاوعة والكتاتيب“
التعليم الحقيقي الذي كان في البحرين هو تعليم ينقسم إلى قسمين، التعليم الذي كان يتخذ من المواقع الدينية مراكز للتعليم في المساجد وفي الحوزات، يأتي الطلاب ويتعلمون على أيدي أساتذة متمرسين في العلم، وعادةً ما يكون هذا التعليم دينياً، وغالباً ما يكون هذا التعليم مرتبطاً بهذا الاتجاه في وجهة دينية، وهناك تعليم ”المطاوعة“ وهي جمع مطوع، وهو تعليم الكتاتيب، وقد كانت المحرق تعج بهؤلاء الكتاتيب، وهناك مدرسة الطبطبائي والشملان، ومدارس كثيرة، إنما من أبرزها كانت مدرسة السيد علي الرستاقي، أبو الأستاذ حسن السيد، الذي كان إلى فترة قريبة وكيلاً في وزارة التربية والتعليم، وهذا الرجل أتجه إلى التعليم الذي يخدم المجتمع، فكان يعلم الدين ويعلم اللغة ويعلم الحساب والخط ويعلم أيضاً الغوص والرياضيات، لأن الغواصين كانوا يحتاجون إلى هذه المهارة ليحسب  لهم كتابهم، مشاكل وديون الغوص وما إلى ذلك، وكانت مدرسة الطبطبائي وغيرها موجودين في المحرق، وكان هنالك طقوس للتعليم، والتعليم كان أما للأولاد أو للفتيات وقليلاً ما كان التعليم مختلطاً سيما في السن الصغيرة جداً، وكان التعليم يعتمد على حفظ القرآن وهو تعليم تنطبق عليه نظريات التعليم التربوية الحديثة، الطلاب لا يتعلمون معاً في المدرسة، الطلاب كانوا في مستويات مختلفة، والمطوع يتابع هذا المستوى، طالب يقرأ وطالب لا يقرأ، وطالب يحفظ الجزء الأول وطالب لا يحفظ، فكان لكل طالب مستوى، واذا تعلم الطالب وختم القرآن فكان يُقام احتفال، وأهل المحرق وأهل البحرين يعرفون هذه التفاصيل، فكانوا يخرجون في احتفال اشبه بزفة ويتلون معها الأناشيد، ” يا ربنا يا ذا المنن.. نكثر مدارس الوطن.. واجري العفو لمن يسير في هذا السنن“ وغيرها من الأناشيد، وكان من يقرأ القرآن ويحفظه ويخرج بهذه الطريقة يعتبر أصبح متعلماً، وأصبح ذا مكانة في المجتمع.
الحركة التعليمية  والثقافية في البحرين
كان أهل البحرين كعادتهم نشطين تجارياً وعلى علاقات وثيقة بأقطار عالمية، ومنهم من يذهب إلى الهند، ومنهم من يذهب إلى أوروبا، ومنهم من يذهب إلى أماكن بعيدة، والنموذج على ذلك إبراهيم العريض، الذي وُلد في الهند وعاش وتعلم فيها، ولم يحضر إلى البحرين إلا وهو شاب، وألتحق في المدارس هنا ثم في فترة وجيزة صار معلماً، وكذلك الذين يسافرون إلى أوروبا ويسافرون إلى باريس، كانوا يأخذون أبنائهم ويعلمونهم، وكان هناك تعليم خاص، بعض القادرين يحضرون أساتذة ويعلمون أبنائهم أو في أماكن معدة لذلك، كانت البيئة قبل التعليم النظامي بيئة ثقافية مليئة بالتعليم على كافة أنواعه، سواء في الحوزات أو المساجد، ويُرسل أيضاً الطلاب في المنطقة الشرقية وإلى العراق وإلى النجف، ويبتعثون إلى مصر، ويبتعثون كثيراً إلى أماكن في العالم العربي، وكانوا يعودون متعلمين، ولكنها كانت كلها جهود فردية، إلى أن إنتهت الحرب العالمية الأولى ووجد أهل البحرين والمتنفذون اجتماعياً والوجهاء والقادرون مادياً، إن هذا النوع من التعليم لا يكفي، وإن لا بد من تعليم حقيقي يكون أساساً لنهضة علمية شاملة، وكانت هناك علاقات بين البحرين وأقطار العروبة، وكانت الأندية مثل نادي المحرق الأدبي وغيره، يقيمون علاقات ويستقدمون صحافة، ويطلعون، والحركة الثقافية كانت أنشط من الحركة التعليمية، حيث الثقافة جهد فردي يسعى إليه الفرد أينما شاء، والتعليم يحتاج إلى جهود منظمة. وهكذا كان التعليم في البحرين قبل التعليم النظامي.
تأسيس مدرسةأجتمع ذوو الرأي والذين كانوا متحمسين، ومعهم الشيخ عبد الله بن عيسى، ومعهم الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، وعبد الوهاب الزياني، ومعهم مجموعة يتكون منها سلمان حسين مطر، وأخذوا يتدارسون، وخبرتهم في تأسيس المدارس لم تكن قوية، والتأسيس المدرسي ليس بالمسألة البسيطة، فاستعانوا وكانوا على علاقة بعبد الله دحلان، ذلك الرجل الذي هو من السعودية من نجد، وكان ذو خبرة كبيرة في تأسيس المدارس، وكان يتجول، وقدم إلى البحرين عام ١٩١٨ م، واجتمع مع القائمين على التعليم مثل عبد الوهاب الزياني وعبد الرحمن الزياني وآخرين، وبدأو يتشاورون في تأسيس مدارس في البحرين، فأعطاهم الرجل فكرة وأعطاهم أقتراح وأخذ يتعاون معهم فصار كأنه مستشار للتعليم، وبدأو المرحلة الأولى إنهم اجتمعوا وبدأو يضعون نظام داخلي، ثم بعد ذلك قرروا أن يؤسسوا مدرسة أهلية خيرية، وبدأت اجتماعهم الاول في شهر ديسمبر من عام ١٩١٩ م، ومن هنا جاء قرار تأسيس المدرسة إنها أُسست عام ١٩١٩ م، استعانوا بعبد الله دحلان وآخرين، وأسسوا المدرسة، ولأنهم على عجلة من أمرهم، تبرع لهم علي بن إبراهيم الزياني بمدرسة صغيرة كانت في بيتة، وأخذوا يستقبلون فيها الطلاب دون ضوابط، الطلاب بمختلف أعمارهم كلهم يجلسون معاً ولا يُقسمون في الأصل على صفوف وإنما كلٌ يجلس على حسب ما يواتيه من العلم، ومن الذين كانوا في هذه المدرسة ١٩١٩ م، المرحوم أحمد العمران، وكان مدير المدرسة حافظ وهبة، وهو رجل له تاريخ، ومن مصر، وذهب إلى الأستانة وربما أختلف معهم، فذهب بعيداً عن الأستانة وعمل في الكويت، وقدم من الكويت في عام ١٩١٩ م، ليدير المدرسة الوليدة الصغيرة، التي هي الهداية الخليفية.
الهداية الخليفية معلم ثقافي
بدأ التدريس فيها وبدأ فيها أساتذة، وميزة هذه المدرسة ان المدرسين فيها معظمهم من العرب، من الأقطار المجاورة، والمدير من مصر، وكان فيها أساتذة ومثقفين، في ذلك الزمان بمستوى ذلك الزمان، من البحرين، وبدأت هذه النواة تتمدد إلى ١٩٢٢ م، وكانت في ذلك الزمن معلماً مهماً من معالم البحرين، لا يزور البحرين أحد المتنفذين أو قادة الرأي في الوطن العربي، إلا ويزور مدرسة الهداية الخليفية، ومن أبرز الذين زاروها أمين الريحاني الذي كان في المهجر، وعاد من المهجر وعاد من المهجر، وأراد أن يتجول في العالم العربي يدعو إلى الوحدة، ومر بالبحرين وفوجئ بالذي وجده هنا من حراك ثقافي وحراك اجتماعي، وكتب ذلك كله بالتفصيل في كتابه ” ملوك العرب“، وألقى كلمة في مدرسة الهداية الخليفية في مبنى علي بن إبراهيم الزياني في ١٩٢١ م تقريباً، ورد عليه بالشكر الطالب موسى العمران.
رفض المجتمع للفكرة
بعد أن قرروا أن يؤسسوا المدرسة، واجتمعوا عدة اجتماعات، بدأت تظهر مشاكل بينهم وبين المجتمع، إلى أن جاء قاسم المهزع، وقال ان المدرسة توجهها صحيح، وهي ذات توجه ديني، وباركها، حتى ان يقول المؤرخون إنه أوقف دكاناً للمدرسة من أملاكه في المنامة، وأُسس لها لجنة خيرية برئاسة الشيخ عبد الله بن عيسى آل خليفة، وينوب عنه الشيخ إبراهيم بن محمد، مع إثني عشر وجيهاً من وجهاء المحرق، وبدأ العمل في المدرسة واجتمعوا الاجتماع الثالث وذُكر اسم عبد الله دحلان وهو الذي اقترح عليهم النظام الداخلي للمدرسة، واقترح عليهم أن يطبعوا إيصالات عليها شعار معين لكي يجمعوا التبرعات.
مدراء المدرسة
المدير الأول للمدرسة هو حافظ وهبة والمدير الثاني عبد العزيز عتيقي، والمدير الثالث محمد صولاني اليمني، وغادر اليمني في عام ١٩٢٥ م، ولا أحد يعرف إلى أين ذهب، حمل عشرون صندوق مليئة بكتبه، وغادر وانقطعت أخباره، فخلف فراغ في المدرسة، فعينوا لها مديراً في الصباح، خالد فرج الدوسري وهو من أساتذتها، وشاعر ومثقف، وفي المساء كان يتولى الاشراف عليها أحمد العمران، وكان للتو متخرج من المدرسة، وكان كبيراً مقارنةً بالطلاب، وتعليمه كان جيداً، وإلى عام ١٩٢٦ م، أخذ القائمون على التعليم يسعون لإحضار أساتذة، وصادف إن هناك مجموعة من الأساتذة السوريين، هربوا من الشام، تحت وطأة الاستعمار الفرنسي، إلى العراق، وهم أساتذة كبار وكانوا مطلوبين في سوريا، وتعرف إليهم الذين كانوا يبحثون عن أساتذة، وعندما ادركوا انهم موجودين، وسطوا المفكر العربي ساطع الحصري، واستطاع ان يتعاقد مع مجموعة منهم، مثل عثمان الحوراني ومحمد الفراتي، وعمر يحيى، وزكريا البيات، وآخرون، وقدموا إلى البحرين ليعملوا في التعليم وكان أبرزهم عثمان الحوراني الذي سرعان ما عين مديراً لمدرسة الهداية الخليفية في عام ١٩٢٦ م، ثم بعد ذلك أصبحت مدرسة الهداية في الحد، ومدرسة الهداية في الرفاع، ومدرسة الهداية في المنامة منذ ١٩٢٤ م، وأصبحت مدرسة الهداية أربعة مدارس، وكان يديرها هو عثمان الحوراني، وبقي عثمان الحوراني يدير هذه المدارس ويعاونه أساتذة، وتوجد قوائم موجودة بأسمهائهم ومرتباتهم في المراجع، ويمكن الاستفادة منها والالتفات إليها، وفي عام ١٩٢٦ م، بدأت الحكومة في البحرين تتدخل في التعليم، كان تقوم عليه هيئة خيرية تقرر شؤونه ما تشاء دون تدخل من الحكومة، وفي ١٩٢٦م، بدأت الحكومة تتدخل، وتدخلها في أن تدفع مساعدات للتعليم، وفي طبيعة الحال حين تدفع مساعدات للتعليم لا بد وأن يكون لها رأي في هذا التعليم، في ١٩٢٧م، بدأت المساعي لإنشاء المدرسة الجعفرية، التي هي الآن مدرسة أبو بكر الصديق، وقبل ذلك كان اسمها الغربية، بدأت في بيت مستأجر، وفي ١٩٢٩ م، افتتحت رسمياً، وبُدأ في المدرسة المباركة العلوية في الخميس، وبدأ الطلاب يتوجهون إلى هاتين المدرستين بجانب الهداية الخليفية.
إرسال بعثة إلى الجامعة الامريكية
عام ١٩٢٨م، قرر عثمان الحوراني بالتشاور بالرأي مع أهل المحرق، أن يُرسلوا إلى الجامعة الامريكية أول بعثة تعليمية، وهذه البعثة التعليمية تم اختيارها من خريجي المدرسة الهداية الخليفية، فاختاروا ثمانية من أبنائها، وأُرسلوا إلى الجامعة الأمريكية من هنا إلى العراق ومن العراق إلى بيروت، وكان السفر مشقة في ذلك الزمان، ومن الأخوان الذين كانوا فيها، أحمد العمران، وراشد الزياني، وعبد الرحمن المعاودة، وآخرون معهم، ومكثوا فيها لمدة عامين ونصف في بيروت، وكان أكبرهم سناً احمد العمران، وقطع المسافة بسرعة حتى يكاد أن يكون تخرج من الجامعة الأمريكية، وبعدها عادوا إلى البحرين في عام ١٩٣١ م، لعدة أسباب، وانتشروا في التعليم في أماكن كثيرة، وبدأ التعليم يأخذ شكلاً اكثر انتظاماً.
تقييم الحالة التعليمية في البحرين
في عام ١٩٣٠م، قررت حكومة البحرين ان تستقدم خبيراً في التعليم يتولى إدارة التعليم على ضوء مشاكل نشأت بُعدت البعثة السورية عام ١٩٣٠م، ولم يبقى أحد منهم، فاستقدموا من بيروت فائق أدهم، الذي جاء إلى البحرين وجاء معه طاقم من أقاربه ومن انسبائه وهم متعلمون، وبدأ التعليم يأخذ شكلاً نظامياً وينتظم إلى فترة ١٩٣٩ م،  وبعد ذلك أُبعد فائق أدهم، واستمرت الاساتذة الذين جاؤوا معه، نجيب الداقلوم وممدوح بليك وخير الدين الحبال، واستعانت حكومة البحرين بخبير في التعليم انجليزي كان في العراق اسمه، أدريان فالنس، وطلبوا منه الحضور إلى البحرين لتقييم الحالة التعليمية، وكان التعليم كله ابتدائي، فلما جاء ودرس الحالة التعليمية والوضع التربوي، وضع قراراته وتوصياته وقدمها إلى حكومة البحرين الذين رحبوا بها، ولزيادة في الاطمئنان إلى أن تنفذ، عينوه مديراً للمعارف إلى عام ١٩٤١ م، حين ولي مكانه ووكلن الذي بقي مديراً للمعارف إلى عام ١٩٤٥ م.
ثلاثة أحداث تربوية مهمة
في عام ١٩٤٠ م، هناك ثلاثة أحداث تربوية في التعليم، الحدث الأول انهم أسسوا مدرسة ثانوية، أسموها الكلية، ليست ثانوية المنامة الواقعة في القضيبية، وإنما كانت موجودة في شارع الشيخ عبد الله في سوق الذهب، وهناك كانت وزارة التربية والتعليم وكل المؤسسات، وكانوا يختارون لها خريجين الابتدائي، من السادس الابتدائي، نخبة من الطلاب، ويجلسون فيها ثلاثة أعوام، وزيادة في تشجيع الطلاب أسسوا مكاناً لسكن الطلاب فيأتي إليها طلاب من أماكن بعيدة، ولاسيما الحد والقرى البعيدة، وينامون مدة اسبوع، والخميس والجمعة يذهبون إلى أهاليهم، وكانت تتولى إطعامهم دائرة المعارف، تحت إشراف أساتذة تربويين، وهذا الحدث الثاني، أما الحدث التربوي الثالث ففي عام ١٩٤٠ م، أستحضرت من فلسطين بعثة تربوية فلسطينية قوامها ستة أساتذة، وجاؤوا من فلسطين ووزعوا على المدارس في البحرين، في الحد والرفاع والمنامة والمحرق، هذه الثلاثة أحداث سببت في تطور التعليم في البحرين، وفي عام ١٩٤٤ م أستقدمت أول بعثة معلمين مصرية للعمل في البحرين، وقد كانوا منتقين من خيرة الأساتذة، وفي تلك السنة بعثت بعثة بحرينية من الطلاب ليواصلوا تعليمهم في مصر، ففي ذات الوقت هناك بعثتان، بعثة معلمين قادمة من مصر، وبعثة طلاب مُرسلة إليها، واستمر منذ ذلك الزمان من عام ١٩٤٤ م، إلى هذه اللحظة والبحرين على علاقة وثيقة بالتعليم المصري ودائماً يكون في مدارس البحرين أساتذة مصريين، وتتوالى البعثات، وكانت بعثة رسمية.
شراكة البحرين مع مصر تعليمياً
كانت البحرين منفتحة على جيرانها، وتود أن تحسن من أوضاعها التعليمية، في مصر في الفترة الممتدة من عام ١٩٠٨ م، كان التعليم فيها جدياً وتعليماً مبرمجاً ومؤسس على أسس حقيقية، وبعد أن كبر الطلاب في البحرين وانبثقت الحاجة لوجود مدرسة ثانوية، صار هناك مدرسة ثانوية، وبالتالي احتاجت المدرسة إلى أساتذة، ليعلمون الصفوف الأخيرة التي تعتبر في مستوى التوجيهي الآن، فورد إلى أذهانهم الذهاب إلى مصر، والطلب منهم البعثة، وتم ذهابهم إلى هناك، والترتيبات كلها مدونة ومؤرخة، مصر كانت تتحمل جزءاً كبيراً من مصاريف المعلمين الذين تبتعثهم إلى العالم العربي، وكانت رواتب هؤلاء المعلمين في مصر، تجري لهم وهم في أماكنهم في الوطن العربي، ويتولى القطر الذي يستضيفهم، دفع ٥٠٪ من قيمة الراتب.                                            

إرسال تعليق

0 تعليقات