الهجن

 

للإعلان في نشرة الفنر الثقافية أضغط هنا
للمشاركة في نشرة الفنر الثقافية أضغط هنا

الدكتور فهد إبراهيم الشهابي


من كتاب مما رأيت الجزء الرابع

:لطلب الكتاب يمكنكم التواصل على
+97333191975
:أو على
info@actsmartpr.com

الهجن

كتبت/ فاطمة العالي

تحتل الهجن مكانة مميزة في تراث العرب، وتاريخ البحرين من قديم الزمان فهي من أقدم الحيوانات التي أستأنسها الانسان واستطاع أن يسخرها لخدمته فمع دخول البحرين إلى الاسلام، إلى عهد الشيخ عيسى بن علي، وكانت تستخدم الهجن في البحرين للحروب، ودوريات الشرطة ونقل المياه، وسباق الهجن، هذه الأمور التي تشارك بها الهجن بكثرة. 
تلايد البحرين
الهجن المتواجدة في البحرين هي الهجن التي تنتمي للأصايل النادرة في الخليج العربي ككل، تواجدها لدى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان والشيخ خليفة بن سلمان والشيخ محمد بن سلمان رحمهم الله، وغالبيتها العظمى جُلبت من سلطنة عُمان، فتوالدت وتكاثرت في البحرين فأطلق عليها أهل الهجن مسمى ” تلايد البحرين“، ولكن حين تعود إلى أجدادها وأصولها نرى انها من شرق، وهذا ما يذكرنا بمثل قديم لدى أهل البحرين ” اذا بغيت الرجاب الطيبة روح شرق واذا بغيت الخيل الطيبة روح جبلة“، وهذه قاعدة متعارف عليها عند أهل الهجن والخيل.
أنواع الهجن
بعد ذلك شاركت الهجن في سقيا الماء ونقل المتاع والمقناص وأمور كثيرة، وكذلك ادخلوها في قسم في الأمن العام وهو قسم الهجانة وكانوا يستخدمونها كدوريات، وهناك قسم يُستخدم للسباق، وقسم يُستخدم فقط للزينة وهي متفردة الشكل واللون  وهي أحسن الهجن فٌتستخدم دائماً للمزاين، ويتفاخر بها بين الشخصيات العالية المكانة، وحسب ما نُقل إلينا من الأجداد، إن أهل البحرين لهم باع طويل في هذا الأمر، وأدخلوا عليها مصطلحات لا تٌستخدم في الخليج، فعلى سبيل المثال حينما تولد الناقة عند أهل الخليج يقال لها خلّفت، بينما في البحرين يقال لها دريت، وهناك مسميات الآلة ” الشداق والخري والصريمة والخطام والقيد“ هذه مسميات بحرينية حينما تبحث عنها لدى دول الخليج لا تجدها بذات المعنى، وهي أُستخدمت للقيد، وهو حبل يُطلق عليه في البحرين حبل الكمباري، وهو مصنوع من ألياف النخل، ويستخدم لرجل الناقة الأمامية، كي تكون دائماً حول المرعى ولا تستطيع الابتعاد، والخطام يُلبس على رأس الناقة، مثل العنان الذي يٌلبس للفرس، والخري يوضع على ظهر الناقة لحمل مؤونة الراكب كالسلاح والماء والتمر وبقية الأمور الخاصة به،  والصليمة التي تستخدم للركاب الصعبة في قيادتها، فيخرمون أنفها فتُلبس فيه، في البحرين كانت تُصنع عند الحداد، وهي سلسلة حديدية بها فتحة تتركب في الخطام ومن ثم يٌلبس على رأس الناقة، الغرض الذي يقوم به مثل الذي يقوم به العنان، يلجم الناقة، وهناك الشداق وهو أنواع وفي البحرين يختلف عن بقية دول الخليج، الشداق البحريني يتكون من رأسين وعمودين من ليف النخل.

أسعار الناقة في البحرين أقل بكثير من بقية دول الخليج، والناقة تعتبر مهضومة الحق اذ ان التوجه لها جداً ضعيف وقليلون هم الذين يقتنونها، وقليلون هم الذين يهتمون لأمرها، لأنها مكلفة، والاشخاص المتخصصين فيها رحلوا رحمهم الله، والاشخاص الآن بدأوا يستعينون من الخارج بأشياء دخيلة علينا بحجة انهم لم يلاقوها في أسواقنا المحلية، أو لم يلاقوا من يعلمهم خصائصها.
حادثة طريفة
وهناك أحد الطرائف التي حدثت قبل عشرة أو خمسة عشر سنة، لقي أحدهم ناقة في البحرين ولم يعرف نوعها ولا أسمها ولا ثمنها، فأخذها إلى الحساء وسألوه عنها فأخبرهم انها من البحرين واشتروها بمائتي وخمسون ديناراً، فأخذوها وأدخلوها إلى السباق ففازت بسيارة من أول الركاب، فأصاب أصحابها الاستغراب والذهول، اذ كيف ان ناقة بألفين وخمسمائة ريال تتجاوز الجميع، فذهب إلى البحرين وسأل عن نوعها، فأخذ معلوماتها وتاريخها، وقال له أحد الرجال عن رغبته في شرائها واستردادها، فتساوم مع صاحبها بأربعة ملايين ريال ولكنه رفض البيع، وإلى الآن الناقة موجودة في الحساء وتدخل السباقات وتتجاوز الجميع وتفوز. وهذا يعود إلى سبب عدم معرفة قيمتها وشأنها هنا.
أنواع الناقة
أهل البحرين استخدموا الناقة في ري البيوت وإحضار إليها الماء، والركاب تنقسم إلى أقسام، قسم للحطب، وهو أسوأ الأنواع، فيُستخدم للحطب أو إسقاء الماء، مثل الكندري وغيرها، وهناك نوع للسباق، ونوع للمقناص، ونوع من أفخر الأنواع وهو للمزاين، ويُطلق عليها ” خصايص ”، تُطعم من أحسن الطعام وتعيش في أفضل الأمكنة وثمينة عند صاحبها، ويساويها بأبناءه لرفعة شأنها عنده.
الركاب في البحرين لها تاريخ، ونعول على الشباب في الاهتمام به مثل الاهتمام الذي يولونه الى الطيور والخيول، الركاب في البحرين لها مرابط مثل الخيل ولكن باختلاف المسميات، فالخيل له مرابط والناقة لها بيوت. 
الأصايل
تلايد البحرين لا يتعدون العشر وهم الأصايل، ومنها فرحة وفرحة مهنا والجحلة والجحلة مظفر والهارم وسمحة، وشطيفة وهي ناقة الشيخ حمد بن عيسى رحمه الله، وهم معروفين في البحرين وفي عُمان، لأن أجداد هذا البيت جلبوا من عُمان، جحلة المظفر تعود إلى رجل عُماني، وهو الذي أحضرها من عُمان هدية إلى الشيخ حمد رحمه الله، فتكاثرت وأصبحت من التلايد، ولكن دخل علينا الآن العرق السوداني والباكستاني، والنسل المحدد المُحافظ عليه والذي لم تدخل عليه الأعراق الأخرى موجود عند الشيوخ رحمهم الله ومازال موجود.
شخصيات ذات أهمية
الركبية الذي يركبون الركاب هم حياة فضالة رحمه الله وحياة جاسم بن محمد وحياة محمد بن جاسم والمعروف الذي لا يُعرف سعيد بن ناصر،، وحياة ظافر بن محمد رحمه الله كان المسؤول عن هذه الامور لدى الشيوخ، الركاب ومداخيله وملتحقاته، وهناك من النعيم حياة علي بن حسن الماجد، وحياة عبد الله بن علاق، وحياة صياح، وعلي بن سالم، وغيرهم الكثير، وهؤلاء رحلوا إلى الله وبقي أولادهم وهم خير الخلف، وهناك علي بن سبرة ابن سعيد بن سبرة. 
سباقات الهجن
بعض السباقات تُجرى في منطقة حليتان، منطقة جنوب البحرين في البر الجنوبي، التي يجهلها أغلب الناس الآن، وكان يحضر السباقات الشيخ حمد بن عيسى بن علي والشيخ سلمان رحمهم الله. وهناك سباق في الشتاء في الفترة الزمنية للمقناص. وحرصاً على هذه الامور تم عمل خارطة للبحرين تحتوي على جميع المناطق من الشمال إلى الجنوب، للأحصاء ولوزارة الاسكان، خارطة الاحصاء تمت طباعتها، وهذا بتوجيه من جلالة الملك وسمو الشيخ خالد بن أحمد وزير شؤون الديوان، وزارة الاسكان تم عمل خارطتين لهم فالأولى احتوت على خطأ  غير مقصود أثناء الطباعة في التسميات الجنوبية، ووزعت على البلديات ولُصقت على مداخلها، وأثناء ذهابي إلى بلدية الرفاع ورأيت الخارطة فأنتبهت للخطأ وأخبرتهم به فأمروا بالطباعة الثانية، وطُبعت في مكتب ادارة الاحصاء.
عبور الهجن
ركاب الشيخ حمد رحمه الله موجودة في رميثة، بما ان البحرين جزيرة يختار الشيوخ كل عام من خلال البر الذي يٌقنص فيه في السعودية، فإن كان البر الشمالي، يتم ترحيل الركاب في سفن صغيرة في ساحل البديع، يجمعونهم في يوم معين وتوضع كل أثنتين جالبوت ويعبرون بهم إلى السعودية، وفي العودة يتم فعل ذات الأمر، وان كان البر على المقناص الجنوبي يتم عبورهم من الزلاق المسمى الآن بلاج الجزائر، يتم عبورها إلى بلاد في السعودية تُسمى طويج، وبعد المقناص تعود إلى البحرين. وفي الحج تعبر في سفن من فرضة المنامة إلى الحج ويعودون من الطريق ذاته.
نقطة الترحيل
في الدور هناك نقطة لترحيل الركاب أثناء وقت المقناص، وهي رأس البر يرحلون منها إلى بلاد تُسمى العجير، في الركاب، في الركاب وفي المقناص وفي الحج يقومون بالأمر ذاته، وبعد ذلك أقام بين البحرين والعجيري تواصل تجاري وتبادل زيارات ومصاهرة واختلاط وأستمر الأمر إلى زمن السيارات.
ومازالت إلى الآن علاقة الانسان الخليجي والبحريني بالهجن علاقة خاصة ومميزة، فهي رمز للاصالة العربية، والحفاظ عليها يعني الحفاظ على الموروث التاريخي العربي، وحبها والاهتمام بها من مدعاة الفخر عند العرب، فهي التي أفاض الشعراء في ذكرها شعراً ونثراً، وتغنوا في خصائصها.

إرسال تعليق

0 تعليقات